الاثنين، 24 فبراير 2014

لدي حلم

مارتن لوثر كينج ولد في الخامس عشر من يناير 1929 في أطلانطا التي تقع في ولاية جورجيا في الولايات المتحدة الأمريكيّة، سُميّ فور ولادته بمايكل، ولكن لاحقاً تم تسميته بـ’’مارتن‘‘ مثل والده المسؤول المعمداني الكبير ووالدته ألبيرتا ويليامز كينج كانت معلمه. ألتحق مارتن بجامعة مورهاوس في 1944 وعقد صداقته التي دامت طوال حياته مع أستاذه بينجامين مايز، ويعد هو السبب بالإضافة إلى نفوذ والده الذي قاده لدراسة العلوم الكنسيّة. تخرَّج مارتن من مارهوس في عام 1948 وأكمل دراساته العليا أولاً في كلية كروز للعلوم اللاهوتية ثم لاحقاً في كلية اللاهوت جامعة بوسطون، وفور نشره لأطروحته عام 1955 نال مارتن درجة الدكتوراه، وفي بوسطون قابل كوريتا سكوت، التي تزوجها في 1953. وفي عام 1954 أصبح مارتين قس كنيسة ديكستر في مونيجوميري، ألباما حيث تمت عملية الاعتقال الشهيرة لروزا باركز بعد رفضها التخلي عن مقعدها في الحافلة لشخص من ذوي البشرة البيضاء.
 

إسهاماته في الوعي الوطني الأمريكي

بعد اعتقال باركز، ساهم كينج في اسهامات وطنية بارزة في الولايات المتحدة، حيث كان القيادي البارز في تنظيم المقاطعات التي قام بها الأمريكيين الأفارقة لحافلات مونيجوميري.
"كان له دور كبير في كثير من النواحي... في عام 1955-1956 تصدر كينج المشهد، ولكن لم يسعى للقيادة، ولو دعتهم الحاجة لقائداً، كان كينج خياراً محايداً لأبعد درجة فهو صغير السن، جديد في البلدة، ولا يشكل أي تهديد."
- جون أ. كيرك، رئيس قسم التاريخ في جامعة أركنساس.
وبمساعدة من بيارد روستين المناضل البارز والحقوقي ألتزم كينج بمبدأ اللا عنف الذي تصاعد في ذلك الوقت تأثراً بنجاح المهاتما غاندي في معارضة البريطانيين في الهند. في عام 1957 أنشأ كينج مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية مع زملائه النشطاء أمثال سي.كي.ستيل، فريد شاتلوورث و تي.جي.جيمسون. وكرئيس المؤتمر كُلَّف كينج بتنسيق عمل الأنشطة الحقوقية في المنطقة ولكن لم تُكلل مجهوداته نجاحاً على الفور.
"في أواخر عام 1950، بدأ الناس يتساءلون عم إن كان كينج مؤهلاً بشكلٍ كافٍ ليصبح قائداً؟"
- جون أ. كيرك، رئيس قسم التاريخ في جامعة أركنساس.

احتجاجات برمنغهام

"استعاد كينج مكانته في الكفاح من أجل حرية الأمريكان الأفارقة عبر قيادته ل احتجاجات برمنغهام. والتي كانت أكبر الاحتجاجات الحقوقية في التاريخ الأمريكي "
- كلايبورن كارسون، أستاذ التاريخ في جامعة ستانفورد و مدير معهد (مارتن لوثر كينج) للبحوث والتعليم.
برمنغهام، ألباما، كانت أكثر الأماكن التي يناهض فيه الأغلبية البيض ما ينادي به كينج من عدم تمييز ضد السود فكانت فيها أكثر معدلات الهجوم على منازل السود والنشطاء السود. تم سجن كينج وإيداعه في السجن الانفرادي بدعوى خرقه للإنذارات القضائية بخصوص احتجاجات برمنغهام. وكتب من السجن كتاباً بعنوان "رسالة من سجن برمنغهام" ورد فيها على الانتقادات المُوَّجه إليه من رجال الدين البيض كما وضَّح الأسباب وراء أحداث برمنغهام فكتب قائلاً:
"منذ سنين عدةٍ وأنا أسمع كلمة ’انتظروا!‘
ويبدوا أنه طوال هذه الفترة كانت تلك الكلمة تعني ’لن يحدث أبداً‘!"
وبعد الإفراج عنه مباشرة، تم إطلاق حركة تُدعى "الحملة الصليبية للأطفال" والتي كانت تُنظم آلاف من المظاهرات من المدارس، ومع القمع الشرطي الذي تم ضد الاحتجاجات وتصاعد الأمر دوليَّاً عن طريق التلفاز نجح كينج في استقطاب الرأي العام الدولي.
 

لديّ حُلم.

أضاف نجاح كينج في برمنغهام مزيداً من الزخم للمسيرات الحقوقية، وظهر ذلك بشكل كبير في 28 أغسطس 1963 في مسيرة واشنطن من أجل الحرية وتوفير فرص العمل التي شارك فيها أكثر من مائتي ألف شخص تجمعوا عند النصب لنكولن التذكاري حيث ألقى كينج خطبته الأسطورية ’لديّ حلمٌ‘ التي توقع فيها اليوم الذي يُعامل الجميع بمساواة وأن تكون الحرية هي عنوان أمريكا. لكن بعد أن أقل من شهر حدث انفجار كنيسة برمنغهام قتل أربع فتيات صغار، هنا أدرك كينج بأن تحقيق حلمه لن يتحقق بالسهولة التي تصورها وأن هناك الكثير من العمل يجب عمله. في عام 1964 حصل كينج على جائزة نوبل للسلام، وفي نفس السنة تحقق الكثير من المساعي الحقوقية التي سعى لها كينج، ففي عام 1965 أصدر قانون التصويت، وأزيلت الكثير من الحواجز التي كانت تساعد على التمييز في بعض الولايات.
 

انتقاله إلي شيكاغو.

اهتم كينج بالفقراء في الشمال حيث انتقل هو وعائلته لبيت في حي للسود عام 1966، حيث كان التمييز واقعاً اقتصاديَّاً ولم يكن ممنوعاً قانوناً، وسعت حملته في شيكاغو لمكافحة هذا التمييز إلا أن كينج وجد أن التكتيكات التي أستخدمها في الجنوب لا تُجدي نفعاً في الشمال. كان هناك أيضاً دعماً متزايداً داخل حملته لاستخدام الأساليب المُسلَّحة في المعارضة ووجد كينج سياسة اللا عنف التي يدعوا إليها مُهَّمشة وأن شعبيته تتضاءل بشكلٍ كبير. كما أن موقفه المُعارض لتورط أمريكا في حرب فيتنام حال دون المزيد من النفوذ في السياسة الوطنية.

وفاته.

تم تأسيس الحملة الشعبية لمكافحة الفقر في ديسمبر عام 1967، وقام مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية بالضغط على الحكومة لتحسين جهودها في مكافحة الفقر. في 3 إبريل عام 1968، وصل كينج إلي ممفيس للتحضير لمسيرة لدعم العمال المُضربين في هيئة الصرف الصحي، وفي اليوم التالي، تم اطلاق النار عليه في شرفة غرفته بالفندق ودعا الرئيس ليندون جونسون لجعل اليوم يوم حداد وطني. وفي جنازته ألقى صديقه القديم بنجامين مايز مديحاً:
"كان مارتن يؤمن بالولايات المتحدة الأمريكية. وكان يعتقد بأن كل هذا التمييز كان ناجماً عن القوانين، وأن التمييز على أساس العرق واللون بمكن أن يتم استئصاله كما قال في خطابه ’لديّ حُلم‘ في النصب التذكاري بواشنطن."

 أراكم المرة القادمة...

  *)  مُترجم بتصرف.

الأربعاء، 19 فبراير 2014

بين الهليكوبتر والرحلة الأخيرة

في الدرك الأسود حالك الظُلمة يُجاهد جيلٌ ليشعل مصباحاً أو حتى ليُضيئ شمعةَ من الأمل، يريدُ أن يرى النور في مستنقع القذارة والظلم والذل والمهانة، هذا المُستنقع الذي لا قيمة لإنسانٍ سوى لمن يحمل جنسية بلدٍ آخر، اما مُواطني المُستنقع، فلا حقوق لهم خلقوا فقط من أجل خدمة أسياده ومن يزور معالم مُستنقعهم الذي وهبهم الله إيّاها. بالفعل ذنب أولئك المساكين فقط أنهم وُلدوا مصريين، ولدوا بلا قيمة، بلا جواز سفر بعلامةٍ مُميَّزة. تُخلق من أجل العمل والبحث عن لقمة لتسد بها جوعك، وإذا أردت تعليماً، سيُعَّلمونك الخرافات وسيُعَّلمونك كيف تصبح ذليلاً خائفاً مكسور الجناح عديم الكرامة، وإذا فكّرت أن تمرض لن تجد علاجاً، حتى الطبيب الذي سيُعالجك بعد فوات الأوان لا تقلق سيلحق بك ميتاً بسبب العدوى.

ستتمنى في كل يوم الموت مرتين، حين تجوع صباحاً وحين يقتلك البردُ ليلاً، وستلعن أماً وأباً قد ولدوك! كيف اقترفوا تلك الجريمة الشعواء ، أنجبوا للعالم فقيراً جديداً، أو قاتلاً أو بلطجيّ، أو تاجر مُخدرات. ويا ليتهم ولدوك وحيداً بل لحماقتهم أنجبوا مرة و6. "كُل عيِّل بيجي برزقه"، أحياناً تتساءل لم يا الله كُل هذا الظلم، كل هذه المهانة، لماذا يا الله لم تخلقني كويتيَّاً أو أوروبيَّاً... لماذا هذا العناء... يُوشك الجوع أن يفتك بك ويا ليته سيقتلني وفقط لكنَّه سينتزع إيماني بك أولاً؟!

ثم يأتي من بعد ذلك عامٌ فيه يثور الشباب وفيه ينتصرون، ثم يأتي بعده عامٌ فيه يموت الناس وفيه يُعتقلون، ثم يأتي بعد ذلك رئيسٌ مُنتخبٌ بِعبط سنينٍ وقرون، فيكره العوام الديموقراطية وبها يكفرون، ثم يأتي 6 أشخاص ليذهبوا لرحلة لسانت كاترين فتهب عاصة ثلجية فيُفقدون، فيتصل الناس بمسعفينَ فيقول أأجانبٌ هم أم مصريون؟، فيجيب المُتَّصل بكل حماسة بل هم مصريون، فيقول المُسعف وأسفاه فلتنتظروا 10 أيامٍ وبالهيلكوبتر سيُحضرون، فالهليكوبترُ للأجانب ولرسم القلوب في السماء ولحراسة الحدود.*

ويسألونني لما المُستنقع؟ ألا تعيش بمستنقع؟! هل وعدوا وأخلفوا؟! هل ما زلت واهماً بالأفضل؟ إذا كنت ما زلت واهمأً فابتسم فقد بنوا لك من الوهم مستنقع! فهل عليَّ الهروب من هذا المُستنقع؟ إن كان الأمر هكذا إذاً فلتكن هذه رحلتي الأخيرة!

 (الرحـلة الأخيـرة)، للفنان الروسي فاسيـلي بيـروف، 1865.
أراكم المرة القادمة...

 *) الجزء المائل هذا هو ما تدوالته مواقع التواصل الإجتماعي، وهنا روايتين رواية التواصل الإجتماعي ووجود شهادات تنفي هذه الشائعة، شهادات أحد البدو:   http://goo.gl/p7V7N،  وهذه شهادة  صديق أحد المُتوفين: http://goo.gl/TzRFwu. وشكراً لصديقي عُمر أبو النصر لتزويدي بمثل تلك الشهادات وأعتذر عن ذلك الخطأ الغير مقصود.

الاثنين، 17 فبراير 2014

لماذا مستنقعات الوهم؟

لماذا مستنقعات الوهم؟، تظن أن بإمكانك التعبير عن رأيك بكل حرية بدون تضييق، ثم تبدأ الحرب الشعواء عليك، ثم تكتشف أخيراً بأنك في مُستنقع من الوهم، سيوهمونك أنهم يؤمنون بحرية الرأي، والحرية منهم براء،  لكّنها آرائي، ولا أخشى أحداً، أنا حُر.
وأعتباراً من الآن سيتم تغيير نطاق مدوَّنتي إلى: http://swampsofillusion.blogspot.com/
أعلم أنني سأخسر الكثير جراء هذا التغيير لكن تغيير لابد أن يتم، ودمت بخير يا من تسببت في ذلك. أما عن هذه الصفحة فهي صفحاتنا الجديدة على الفيسبوك . دمتم على حرية.



أراكم المرة القادمة...

الجمعة، 14 فبراير 2014

للبدر روايات

في ليلة بدرٍ قررتُ أن أصعد إلى سطح عمارتنا لأراقب البدر متأملاً عظمة الخالق، لكن المبنى المجاور حجب الرؤية، نظرتُ إلي يدي المُمسكة بتورموس شاي، ليس تورموساً بالمعنى الحرفيّ، هو كوبٌ حافظٌ للحرارة يستخدم في السيارات، وقُلت في نفسي: "إنها سخرية القدر، أليس كذلك؟"، المهم، بعد محاولاتٍ مُضنية نجحتُ أخيراً في رؤية هذا القمرِ البديع، الذي شهد ملاين القصص والروايات، لو أنَّه تكلَّم لنظَّم من الروايات ما تُبكي أعين مُرهفي الحس، تأملتُ القرص الأبيض فإذا به يقترب ويقترب ثم سمعت صوتاً رقيقاً يقول: جئتُ لتتأملني فتأملتُك، جئت لتتّعلم بعداً فزدتني بُعدَين! جئت تطلب شيئاً فتذكرتُ شيئين...
قاطعتُ الصوت قائلاً: ومن تكون...

قال:

أنَا البَدْرُ...
الذِي وَهَبَنِي اللهُ نِعْمَةَ أنْ اُنِيرْ،

أنَا الذِي...
أهْدِي كُلَ ضَالٍ سَوَاءَ السَبِيلْ،

أنا المِعْطَّاءُ...
أعْطِي العُشَّاقَ لَمْسَةً تُبْعِدْ عَنْهُمْ كَلَ ضِيقْ،

وَمَنْ أَنْتَ...
لِتَسْألْنِي مَنْ أكَونْ؟ فَهَّلَا عَرَّفْتَ عَنْ نَفْسَكْ يَاَ صَدِيقْ؟

تخبطتُ من هول الموقف وقلت...
جِئْتُ أطْلُبُ رُؤْيَاكَ...
فَلَمْ يَمْنَعْنِي عَنْكَ سِوىَ مَبْنَىً شَهِيقْ.

جِئْتُ أبْغِي شِعْرَاً... فَلَمْ تُسَاعِدْ،
فكُن لِي كَنِسْرِ زَارْدِشِتْ* خَيْرَ رَفِيقْ.

جِئْتُ أتَأَمَّلُ...
بَعِيدَاً عَنْ هُرَاءِ الحَيَاةِ وَتَنَازُعِ كُلَ فَرِيقْ.

قَالَ أهَلَاً وَسَهْلَاً بِكِمُ فِي وَاحَتِي...
جَئْتَ لَتَنْهَلَ مِنْهَا شِعْرَاً طَلِيقْ.

فَهَلْ نَجَحَتُ فِي اِستِحْضَارِ شِيْطَانِكَ…
لُتُنَّظِمَ بَهِ أبْيَاتَاً تَجْلِبُ حُجَّاجَاً مِنْ كُلِ فَجٍ عَمِيقُ.

قُلُتُ بَلَا، وَلَكِّنْ هَلَّاَ حَدَثْتَنِي…
وأسمَعْتَنِي أسطُورَةً أوْ شَيئَاً مِنْ زَمَنٍ سَحِيقْ.

قَالَ سَأحَدِّثَكَ عَنْ فَتَاةٍ…
كَانَتْ كَلَ يَوِمٍ تَزُورَنِي سَاعَة وَتَغِيبْ.

وَفِي يَوْمٍ بِمِصْرَ يَقُولُون عِيدُ حُبٍ؛
اِنْقَطَعَ مَجِيئُهَا فَسَادَ الجَوَ شُعُورٌ كَئِيبْ.

ذَهَبَتْ الرِيَاحُ تَسْتَطَلِعُ خَبَرَهَا فَلَمْ تَعُدْ...
وَقِيلَ أنَّهَا مَاتَتْ فِي حَادِثِ حُبٍ ألِيمْ.

لَمْ تَكُنْ تُنْشِدَنِي الشَعِرَ صَدِيقِي،
بَلْ كَانَتْ تُنَّظِمَهُ لِحَبِيبٍ سَعِيدْ.

فَلَّمَا قَضَىَ اللهُ أمَرَهُ، تَقَطَّعَتْ أوصَالُهَا…
وَغَابِتْ وَشَيَّعَ قَصَائِدُهَا مَوكِبٌ حَزِينْ.

فِي يَوْمِ جُمْعَةٍ قَدِ اِفتَرَقْنَا...
فَيَا اللهُ فُكَ الكَرْبَ وَكُنْ لَهَا خَيرَ مُعِينْ.

وَفِي يَومِ رِبِيعٍ جَاءَتْ مُنْشِدَةً…
ألَمْ تَكُنْ يَا بَدْرُ مُلِهِمَ شِعْرِي، أنْتَ لِلَإلِهَامِ خِصْبٌ كَرِيمْ!

فَصَرَخْتُ: ’’أهَذَا وَدَاعِي؟!‘‘
قَالَتَ: ’’نَعَمْ، فَقَدْ تَقَطَّعَتْ السُبُلَ وَتُوُفِّيّ كُلُ حَبِيبِ.‘‘

لَمْ أعُدْ أجِدُ فِي الشِعْرِ مَنْفَعَةٌ...
قُلْ لِي لِمَنْ أنُشِدُ الآنَ يَا بَدْرِيَّ الجَمِيلْ؟

فَلم أجِدْ رَدَاً عَلَىَ قَوْلِهَا...
فَقَدْ أصَابَنِي رَدُهَا بِجُرِحٍ كَبِيرْ.

وَهَا أنَا ألتَمسُ كُلَّ مُتَّأمِلٍ...
بحثاً عَنْ من يُضَّمِدُ قَلْبِي الحَزِينْ.

قلتُ للبدر مستطلعاً جماله... 

وَمَا الشِعْرُ إلا كَلِمَاتٌ...
تَقْتُلُ أصَاحَبِهَا وَتَذِلُ مِنهُمْ كُلَ عَزِيزْ.

كُنْ يَا بَدْرُ كَمَا عَهِدْتُكَ لِلِشِعِرِ مِعْطَاءَاً،
وَكُنْ مُفَتَاحَاً لِكُلِ بَيْتٍ وفَرَجُاً لِكُلِ تَعِيسْ.

صوت أحدٍ يصعد على السلم وبعد حديث دار دقيقتين، كان لابد للإلهام أن ينقطع، نظرتُ إلى القمر مبتسماً وشربت الشاي البارد وقلت لنفسي مبتسماً ’’لا تقلق يا بدر، سأعود‘‘.



أراكم المرة القادمة...

*) زاردشت، هي الشخصية الرئيسية لكتاب (هكذا تكلم زاردشت) كان له نسرٌ وأفعوان يرافقانه في ترحاله بعدما قرر أن ينتهي من عُزلته وهو كتابٌ للفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه.

السبت، 8 فبراير 2014

بول شيت – 3#

حادثة فظيعة*

حكى لي أحد أصدقائي المُقَّربين عن موقفٍ حدث له يقول...

أتذكر عندما كنتُ في المدرسة الإعداديّة أحد أصدقائي أنه أرانا مقطعاً مُصوَّراً يتخذ "الموت" عنواناً له، كان الفيديو مقطعاً من فيلم Final Destination 2 مُركبَّاً عليّه صوت أحد الشيوخ يتحدث عن الموت والتوبة وما إلى ذلك، كل ذلك يبدوا طبيعيّاً حتى هذه اللحظة إلا أن الموضوع يتطور بشكل يأخذ منحىً آخر... يأتي أحد أصدقائنا المسيحيين ليستطلع الأمر، وليشاهد معنا هذا الفيديو؛ ثم ما لبثت لحظات عندما قرَّر أحد الواقفين أن يُلَّسن بإحترام على صديقنا المسيحيّ قائلاً: ’’لا حول ولا قوة إلا بالله، شوفتوا الحادثة عاملة إزاي، صعبة أوي!، اللهم أحسن خاتمتنا!‘‘، فأبتسم صديقنا لأنه كان يعلم القصد ورائها وقال ساخراً: ’’ربنا يحسن خِتام الممثلين دول، كانوا طيبين أوي!‘‘، فدار الحوار كالآتي...

- فيلم إيه... دي حادثة؟
- لا فيلم، وفيلم جامد فشخ كمان
- إنتا بتتريّق على الشيخ!
- شيخ مين اللي بتريّق عليه، انا بتكلم على الفيديو، جزء من فيلم ’’الوجهة الأخيرة‘‘.
- إنتا صاحبنا آآه، بس التريقة دي مش مسموح بيها...
- والله مبتريّق بس ده فيلم فاينل ديستنيشن! ولا أقولك خلاص يا عم مصدَّقك حادثة هتتصور بـ5 كاميرات. ربنا يشفي!
- روح يا شيخ، ربنا يهديك!
- ربنا يهدي الجميع.
 كُانوا ستة، وكلهم أصبحوا إخواناً مسلمين ومن داعمي الشرعيّة.
والرئيس راجع، السيسي قاتل وأربعة صوابع!
****** 

أنا وصديقي المُلحد في معرض الكتاب!**

ذهبت إلى معرض الكتاب وتجولت في جُنَحِه المُتعَّددة بحثاً عن كتابين عتيقين لثربانتس (دون كيخوته) الأول والثاني... بائت رحلتي بالفشل الذريع وبينما أتجول بحثاً عن بعض الكتب الأخرى بعدما كنت قد فقدت الأمل في إيجاد الكتابين... إذا وجدت شخصاً يتتبعني وينظر إليّ بنظرات مُتفحصَّة... ثم بعدما لاحظ أنني قد كشفتُ أمره، إذا به يتقَّدم نحوي ويلقي عليّ السلام ويعرض عليّ خدماته... فقلت لنفسي لا بأس بالتعرف على بعض الأشخاص...

- وعليكم السلام، أنا عمرو... متشرفناش باسم حضرتك؟!
- أنا محمد بس بيدلَّعوني ويقولولي يا دارو...
- عاشت الاسامي يا محمد ولا اقول يا دارو... 

وبإتقانٍ بارع وبلباقةٍ لم أرى لها مثيلاً، راح يحَّدثني عن كتاب (وهم الإلحاد) لعمرو شريف وعن ضعف حجته وأنّه لم يأخذ الجانب العلمي في رده على فرويد، لكّني قاطعته قبل أن يسترسل أكثر من ذلك بأنني لم اقرأ الكتاب... ووعدته بأنني سأقرأه... ولأثبت له ذلك اصطحبته لجناح السور واشترينا الكتاب.

قال لي بينما كنت أعطي للتاجر، ثمن الكتاب... لماذا حرَّم الله لحم الخنزير؟
قلتُ له لا أدري... ربما لنفس السبب الذي حرّم الله شرب الخمر... لا أدري؟ فباغتني قائلاً أليس السببُ في ذلك أنه يأكلُ مخلفاته... فرددت مبتسماً: ’’الدجاج يفعل ذلك أيضاً! وهو ليس محرماً‘‘، قال لي إذاً لأنه –الخنزير- ينكح أمه؟! قلت له معظم الحيوانات تفعل ذلك! ولستُ أراه سبباً لكيّ يحرَّمه الله ما أنه مُحرَّم أيضاً في اليهودية فسل يهوديَّاً أن يخبرك عن السبب العلمي وراء ذلك...

قال لي لا أريد سبباً فلستُ أؤمن بوجود الإله أساساً! قلت له ’’!Good for you‘‘ ثم رن هاتفه فاستأذنني بأدب وقبل أن يرحل أهداني نسخة مُصَّوره على هيئة ملزمة مُكعّبة لكتاب ’’وهم الإله‘‘ لريتشارد دوكنز، وحين هم بالرحيل، قلت له: محمد دارو دي بقى اختصار داروين مش كدة؟! فصُعق لسماعه تلك الجملة، رجع ليستفسر كيف استطعتُ أن أعرف ذلك فقلت له ’’لا بد أن أحداً قد أرسلني لك؟!‘‘ فقال لي من؟ فرددتُ قائلاً ’’الله‘‘... فبُهت الذي كَفر... وبكى فأنشدت وأنا راحلٌ قائلاً:
لَوْ عَلِمْتُمْ مَا بِرَصِدٍ مِنْ تَعْرِيضْ؟!
لَمَا صَدًّقْتُمْ مَا سَرَدْتَه مِنْ خَيَالٍ مَريضْ!
لَمْ أقَابِلْ مُلْحِداً وَلَسْتُ بِمُتَحَدِثٍ طَلِيقْ!
مَا أنَا إلا عَابِرُ سَبيلٍ يَمْضَي بَاحِثَاً عَنْ أمَارَاتِ الطَرِيقْ...
الاستِخْفَافِ لُغَةُ العَصْر، والعُزْلَةُ أفَضَلُ صَدِيقْ.
******
2014-01-22_142525222

******
مُتعلّق: بول شيت - 1# 
مُتعلّق: بول شيت - 2#  
******
أراكم المرة القادمة...

*) قصة حقيقية
**) محاكاة ساخرة لمقالٍ بعنوان ’’أنا وصديقي النصراني في معرض الكتاب‘‘ نُشر على شبكة رصد الإخوانية تجده هنا.