الجمعة، 20 مايو 2016

مأساتي.

صرت أبكي حين أرى، بلا أي سبب واضح... أبحث عن الأحزان والتراجيديا في كل مكانٍ، وكأنني أهواها. أختلّت موازين حياتي وصرت كرجل قشٍ تذروه الرياح؛ مخيف المنظر، يبعد الخلق من حوله. أتساءل أحيانًا حينما تنهمر دموعي؛ متى تجف؟ متى ينقطع هذا الحبل الذي يجعلني غريبًا عنهم، كأنني فضائيّ يهوم على وجه بين البشر، عجيبًا يتخبّط في محاولة فهم هذا المنشأ، لما لا يتوقّف قلبي فحسب وتنتهي مأساتي.

مأساتي ليست كأيِّ مأساة، مأساتي ليست حزنًا صريحًا، قلبًا مجروحًا، أو فقرًا أو محاولة جذبٍ بائسةٍ للاهتمام... ليست ذلك النوع من المآسي التي يُمكن أن تُداويها الأيام، إنما مأساتي صغيرةً وتبدو تافهةً للبعض، مأساتي هي وفائي... وفائي لكل شيء، حتى الأشياء الصغيرة منها دائمًا ما تجذبني كما تجذب الحلوى الأطفال، ذلك الوفاء كبّلني بسلاسل من فولاذٍ في زنزانة مظلمةٍ من صنعي، أنا السجّان والسجين وأنتم الحَكَم والقاضي...

وضعتُ نفسي في منظورٍ كنتُ أنا محوره ونقطة بدايته (صفر ، صفر) في محور السينات والصادات، ولم أفطن لحقيقة أن صفرًا آخرًا كان ينقصني في الإحداثيات... صفرًا يُغيّر كل شيءٍ ويغيّر المسار وبوجوده يوجد محورٌ آخر جديد وهو العينات.
وكمُختطفٍ يتعاطف مع مُختطفِيه كنتُ، وانسقت لسجني بل وحاولت أن أوّسعه وأضم الناس له، بل ووضعتُ له نظامًا أيضًا، فامتدت جذوره في أعماقي، أضف لذلك مشكلتي الرئيسية وهي وفائي لكل ذلك...

لذا لك أن تتخيّل شخصًا ينشأ مشروعًا وهو غافلٌ للمحور الأساسيّ لنجاحه، ويكون في ذات الوقتِ وفيًا له، كصاحبٍ لمحلِ ألبانٍ في بلدةٍ سكانها مصابين بحساسيّة ضد اللاكتوز.

ذلك أنا، الوفيُّ لهذه المدونّة والصفحة  التي تقرؤونها الآنولكلِ ما أنجزه تقريبًا والذي لم يفطن إلا مُؤخرًا أن معظم من يُحاول جذبهم لديهم حساسيّة ضد الحقيقة، والأكثر إثارةً للسخريّة هو أنني أكتب ضد الأوهام في مدونةٍ تُدعى مستنقعاتِ الوهم وبعد كل تلك الأعوام أفهم أخيرًا أنّني أنا الآخر من الواهمين بأنني سأحقق أو سأغيّر شيء...

...وهكذا صرت أبكي حين أرى، بلا أي سبب واضح... أبحث عن الأحزان والتراجيديا في كل مكانٍ، وكأنني أهواها...

.A Self Portrait by: Moritz Aust


أراكم المرة القادمة...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق