الأحد، 22 يناير 2017

الموتُ تِلك روايةٌ أخرى!

*يُقرأ على مسؤولية القارئ الخاصة.

دائمًا ما يتركنا الموت برسائل تعبث بعقلنا، في موتِ من نُحب... يبدأ ذلك التساؤل دائمًا بجملة واحدةٍ لا تتغيّر أبدًا: "لماذا يا الله؟! لما نحن؟!"، ذلك التساؤل الذي يكشف خيبة السائل، وصمت المجيب، غرور البشر الذي أوحى لهم بفكرة أنّهم مهمين أو أنّ حياتهم ذات قيمةٍ، وأنّهم لا يستحقون ذلك، وعبثية المشهد.

عبثية المشهد، تلك التي تنتهي دومًا بفوز القوي، نجاة الصحيح وموت المريض، انتصار السلاح على أحجار العُزَّل، بلا أي تفريق أو تمييز أخلاقيّ، من الظالم ومن المظلوم، الشرير والضعيف، الحق والباطل، مشهد ماديِّ تنتصر فيه الطبيعة وحسب بلا أي تغيير.

لنُصِّر بعد كل ذلك العبث على معنىً ما، يحمل غرورًا ما بعد الغرور، يكره البشر فكرة أن وجودهم ليس بمميّز على الإطلاق، أنّه مهما حدث فسيبقون في النهاية حيوانات، كائناتٍ تبحث عن البقاء كغيرها من الحيوانات. بلغهم الجنون تصوّر أن الطبيعة ستشفي السرطان لأن ذلك مسلم، أو فقير، أنّ الخير سينتصر في النهاية لأنّه هو الصواب؛ أخشى أن أخبركم أنّ الطبيعة ستنتصر دومًا.

أخشى أن أخبركم أنّ الموت لن يُميزني ولن يُميّزك، ولن يشفع لك شيء في لحظات احتضارك، لا شيء سوى قوة جسدك في مواجهة الطبيعة! أنت لا شيء وكذلك أنا، لن يُغيّر موتك شيء أبدًا، لن تُغيّر معتقداتك حقيقة ضعفك، ولا يوجد معنى أخرًا سوى توقف قلبك...

معنى الحياة؟ أو جدوى الحياة؟ تلك مزحةٌ ربما أطلقها شخصٌ ليوهم به الناس أن حياتهم أنّ هناك معنى آخر، ليستخدمهم في بناء إمبراطورية أو تمرير رسالةٍ أو معتقد! معنى الحياة الوحيد هو البقاء، بقاء النوع... ذلك النوع الذي تُمارسه الحيوانات كي تُمرر جيناتها...

معنى الحياة هو أن تعلم أنّ حياتك هي كل ما تملك وأنّ معناها فيها، وليس في أي شيء آخر، أنّك لست بحاجة أن توهم نفس بأن هناك معنى في الموت أو التضحية أو أي شيء تريد أن تُبجلّه لتجعل منّه عظيمًا... بل افعله لنفسك، من أجل الفعل والبهجة من أجل الحياة ولحظاتها، لأنّه حين يأتي الموت سيأتي وستحاول أن تُعطي له معنى... ولكن المعنى ليس فيه؛ هو يُعطي لما قبله معنىً، المغزي في الحياة التي تتوقف، الحياة التي عشتها مشروطة تبحث فيها عن القيود واحدًا تلو الآخر، بهجتها، وسعادتها وذكرياتها... ذلك هو المعنى، وذلك الذي سيبقى... بالطبع حتى تنتهي الحياة على هذا الكوكب أو ننقرضُ كغيرنا!

لذا ابتسم الموت قادم، هو رحلةٌ عكسية حين يقتربُ تعود لك الذكريات تلك هي الروايةُ الأخرى... حياتك!

.A portrait by: Shinodaart

*****

أراكم المرة القادمة...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق